رحلة التحول من مواطنين شرفاء إلى ثوار

25يناير 2011 صباح عادي ليوم دافئ على غير عادة هذا الشهر البارد.
لم يكن أي فرد من عائلتي الصغيرة يعلم ماسيواجهه.. لم نكن على دراية بما يحدث، حالنا كحال الأغلبية آنذاك نبتعد كل البعد عن أمور السياسة، نلتصق بالحائط ونتهامس نقرأ الكتب وندعو الله ألا تكون جريمة يحاسبنا بها النظام، كنا مثالا للمواطنين الشرفاء لا نغضب، لا نثور، لانجادل، حتى أننا لم نشارك في الانتخابات! ليس لعلمنا بالنتيجة فحسب، بل لم نكن نحب أن نلفت لنا النظر فانتخابك حتى وإن كان بالتأييد يعد بمثابة رأي وهذا بالطبع ما لم يكن يفضله نظامنا العزيز، ألم أخبركم أننا كنا مثالا للمواطنين الشرفاء؟
اتخذنا طريقنا بالسيارة لزيارة بعض الأقارب، الشوارع مكدسة بأفراد الأمن لم يسمحو لنا بالمرور من بعض الشوارع، بعض الطرق تم إغلاقها تماما، أفراد الأمن يخبروننا بالرجوع للمنزل تفاديا للمظاهرات وما قد تؤول إليه الامور، صمم أخي على الذهاب واعتبرها مجرد زوبعة فنجان كسابقاتها من بعض التكتلات المعارضة وستنتهي على الفور، كان القدر يسوقنا بتدبيره العجيب ليتغير كل شيء بعدها ندلف من شارع إلى أخر، التصق أنا بنافذة السيارة لأول مرة في حياتىكي أشاهد جموعا غاضبة وكنت أعلم جيدا أن كل غضب عام هو بادرة أمل، كل هذه الأصوات المرتفعة التي تطالب بالحرية من أين أتى هؤلاء؟
كنت أظن أن بلادي مأوى ومتاع الديكتاتورية وأن شعبنا مات لكن لم يدفن فعليا بعد، ولكن الشعوب الميتة لا تثور إذن هذه هي الثورة التي طالما قرأت عنها وملأ “جيفارا” رأسي بها، اندفعنا للخارج أنا وأخي حينما تمسك أبي وأمي بمقعديهما في الداخل ليؤكدا على مستقبلية أمر لا يغيره التاريخ.
أسفل “الكوبري” مظاهرة لا ترى نهايتها، الكثير من الأجساد المتلاحمة لن تميز أيا منهم، ستظن لوهلة أنه رجل واحد تناسخ منه الجميع يصدح صوتهم في آن واحد يرددون الهتاف بالقدر من الغضب وبالصلابة نفسيهما.
على الجانب الآخر دمية سوداء مرتهلة متفرقة صامتة تهرول ذهابا وإيابا في خوف كخوف المحتل أمام صاحب الأرض، يطلقون الرصاص في عشوائية. أسلوب حياة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *